20‏/08‏/2007

مذكرات طالب طب أراد مرة ان يكون مجتهداً 4


الفصل الرابع .. أهو كله نط × نط
مرة أخرى أجد أن القفز حل رائع. من المؤكد أن المعلومة التي تقول:
إن حيوان الكنغر لا يعيش إلا في أستراليا خاطئة تماماً. لو نظرت إلى غالبية أفراد الشعب المصري لوجدت أنهم بارعون في القفز حقاً.

في كل مكان و كل زمان يقفزون و لا يعيقهم شيء. عندما يبلغ الطفل أربعة أعوام يبدأ بتعلم القفز من فوق السرير و القفز فوق رقاب إخوته و القفز فوق النيام. و عندما يبدأ بالخروج من البيت لا بد له من القفز لتفادي الحفر العديدة في الطريق. و عندما تهطل الأمطار لابد له من القفز لتجنب برك المياه. و في المدرسة يقفز من فوق الأسوار للهرب. أما عندما يبدأ بالمعاناة من المواصلات فهو يتعلم الشعلقة و التشبث بالسيارات و هي تسير. و كما فعلت اليوم كثيراً ما يقفز خلال النوافذ
.
أضيفوا إلى ذلك القفز للحاق بالقطار و القفز من فوق البنجات للحصول على الشيتات و القفز فوق الكراسي في المشرحة للحصول على رؤية واضحة و القفز من السرفيس قبل أن يتوقف و غيرها و غيرها من المواقف التي لا تحل إلا بالقفز.

لذلك أرى تشابهاً كبيراً بين الكنغر و الإنسان المصري. لا بد أن نكون قد تعلمنا القفز هكذا من الكنغر. و بما أني لم أزر أستراليا من قبل كما لم يفعل غالبية أفراد الشعب المصري؛ فإني أرجح أن الكنغر كان موجوداً في مصر قبل أن ينقرض أو يقرر الهجرة إلى هناك، لكن القفز الذي تعلمه قدماء المصريين منه لا يزال يجري في دمائنا حتى الآن، أو ربما هو محمول في خلايانا على مورثات خاصة. نظرية مجنونة لكنني مقتنع بها، و من قال إن النظريات يجب أن تتسم بالعقلانية؟؟ نظرية أينشتاين النسبية نفسها كانت في قمة الجموح و ثبتت صحتها
.

قررت أن أتحايل على موقفي. أنا أعلم أن الكارنيه يطلب عند البوابتين الخارجيتين و الثالثة الداخلية. دخلت من تلك الفتحة الواقعة عند بداية الطريق إلى كلية الطب – يسمونها مجازاً بوابة – و التي يستعملها طلاب السنوات العليا لأنها أقرب للمستشفى من البوابات الأخرى. منخفضة هي، يجب أن تنحني إذا كنت في مثل طولي لتمر منها. كأن أحداً من أقزام بياض الثلج السبعة هو من قام بصنعها
.

اتجهت صوب المسجد الذي نصلي فيه الظهر عادة و من هناك تسلقت الجدار ببراعة منقطعة النظير. لابد أن مثل هذا التسلق هو ما جعل المخبول داروين يظن بأن أصل الإنسان قرد. قفزت من فوق السور و تجاوزته ثم هبطت من الناحية الأخرى و هكذا أصبحت في الداخل. من حسن حظي أننا في مصر، فالموظفون في مصر لا يعترفون بالميعاد الرسمي لبدء العمل و إنما لكل منهم ميعاده الخاص و لذلك لم يكن أحد من موظفي المستشفى هناك، و رجال الأمن كانوا مشغولين بالتفتيش عن الكارنيهات فلم يتنبه أحد لما فعلت
.

ها أنا ذا و بعد جهد جهيد و مغامرات تذكركم بمغامرات ابن شحطوطة أقف أمام مبنى المدرج.

ليست هناك تعليقات: