20‏/08‏/2007

مذكرات طالب طب أراد مرة أن يكون مجتهداً 6




الفصل السادس ... حتى التحايل مش نافع





قررت أن أذهب إلى مكتبة القسم، المكان الذي تطبع فيه و تختم تلك الأوراق البيضاء الكريهة. هنا تداعى إلى فكري تساؤل اقتصادي محض، هذه الأوراق و الأحبار التي تستخدم في كل مرة لطباعة الشيتات، من أين تأتي نقودها؟؟؟ أيعقل أن تكون من ميزانية القسم أم أننا عندما دفعنا ثمن الكتاب دفعنا معه ثمن الشيتات مقدماً؟؟ لو كان الاحتمال الثاني صحيحاً فهذا يعني أننا نُسْرَق علناً في كل مرة يفوتنا فيها الحصول على واحد، من حق كل أحد أن يحصل على الشيء الذي دفع ثمنَه و هذا لا يحدث هنا. توقفت أفكاري عند هذا الحد فقد وصلت للمكان المنشود.


دفعت الباب بخفة و نظرت للداخل، لم أجد إلا معيدة تبدو عليها حداثة العهد، أنا لا أعرف المعيدين و المعيدات كلهم بحكم تغيبي الدائم، لكن كل شيء فيها كان يدل على أنها جديدة هنا خصوصاً صغر سنها ووجهها البريء الذي لم يتعلم كيف يبدو شريراً بعد.
قلت في أدب: " السلام عليكم يا دكتورة "


- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
- لو سمحتِ يا دكتورة أنا كنت عاوز أطلب من حضرتك طلب
- اتفضل
- و الله يا دكتورة أنا من الأرياف، و عملت المعجزات عشان أوصل هنا على معاد المحاضرة بس برضه للأسف ما قدرتش.. و الشيت هيفوتني كده يا دكتورة.. مش حرام؟؟
- طب و جايلي ليه بس، أنا في إيدي إيه أعمله؟؟
- الشيتات بتنطبع هنا يا دكتورة، ممكن حضرتك تديني واحد؟؟


لم أفطن إلى أن كونها جديدة سيصعب علي المسألة، لقد فاتتني هذه النقطة. لا تستعن بالجدد أبداً، قاعدة يعرفها أي طفل فما بالك بشاب جامعي. فهي بحكم عدم خبرتها، لن تستطيع تدبير ذلك، أضف إلى هذا ذلك الخوف من كل شيء جديد عليك. أعترف الآن بأني غرٍ ساذَج فرد فعلها كان عنيفاً فعلاً.. الحق يقال، هي لم تصرخ فيَّ و لم ترفع صوتها، لكن الحزم الذي تحدثت به جعل الرد عنيفاً..


- يا سلااااااااااام.. أديك واحد؟؟ بالسهولة و البساطة دي.. إنت مش عارف إن دي تعتبر عملة لا تغتفر عند الدكتورة (........)؟؟ و بعدين أساسا الشيتات بتتعد و تتنظم و تتحط في الأظرف و تتقفل، يعني مستحيل تنفتح و يتاخد منها من غير ما الموضوع ينكشف..


يالله!!! و كأننا في مطبعة للنقود و ليس للشيتات، يتم عدها و تنظيمها؟؟ لا أستبعد أن يكون كل منها يحمل

رقماً تسلسلياً معيناً أيضاً.. و لا أستبعد أن تكون الأظرف مغلقة بالشمع الأحمر و عليها ختم النسر كذلك.. و لا أستبعد أيضاً أن تراقب المخابرات و كل أجهزة الأمن هذه العملية و تسهر على حماية الكنز الثمين..
لم أدر بنفسي إلا و هي تقول لي:
- اتفضل يللا، أنا مشغولة و مش فاضية.. و إحمد ربنا إن أنا مش هعمل فيك عملة سودا و أقول للدكتورة (......)..
الحمد لله بالطبع، لم يكن ينقصني ذلك أيضاً. الواقع أنه بالفعل ليس يوم حظي. غادرت مطأطأَ الرأس عائداً إلى أمام المدرج.


قررت أن أقف و أنتظر علِّي أدخل مع المعيدين و هم يحضرون الشيتات، خطة كل الواقفين هنا كما لا بد أنكم تعرفون.. في بداية الربع ساعة الأخيرة من المحاضرة، دخل المعيدون و المعيدات من باب المبنى و هم يحملون تلك الأظرف القاتمة المقبضة، تلك الأظرف التي تحتوي على سبب شقاء ثمانمئة طالب وطالبة هذه السنة و مثلهم السنة الماضية. صعدوا السلالم في صفين، أقسم أنهم يذكرونني بكتائب الإعدام بتلك المشية البطيئة و التؤدة التي يتحركون بها. و قفوا أمام باب المدرج و هرع إلى أكبرهم العاملُ فأشار له بيده أن قف بجانبي هنا. ثم أخرج هاتفه المحمول و طلب رقماً ما و انتظر الرد. كان الصمت ثقيلاً فقد كف كل الموجودين عن الكلام. تحدث المعيد:


- أيوة يا دكتورة إحنا عند الباب أهه
- .................
- أيوة
- .................
- حاضر حاضر
- .................
- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته


النقاط الفارغة بالطبع ليست إلا ردود الدكتورة، لكني لست خفاشاً لأسمع بدقة إلى هذا الحد إن كنتم تفهمون قصدي. من المؤكد أنكم استنتجتم كما استنتجت أن هذه المكالمة لم تكن سوى تقرير موجز قُدِّمَ للدكتورة عن موقع القوات – عفوا – عن موقع المعيدين و الشيتات، و تساءلت لم لم يكتف المعيد ب ( مسد كول )؟؟ عرفت الإجابة حينما فتح العامل الباب، فقد كان يقف خلفه آخر شخص تريد أن تراه في هذه اللحظة، كانت تقف هي.


بالطبع هي ليست غبية، فهي تعلم أن الجميع ينتظر الدخول وراء المعيدين فيختلط الحابل بالنابل و لا يعود بإمكان أحد أن يميز من حضر و من لم يحضر، لذلك خرجت لنا من الداخل. ضربة في مقتل بالفعل. من حسن الحظ أنها لم ترني، كنت قريبا بالفعل لكنني كنت متوارٍ خلف من يقف أمامي، لحسن الحظ أيضاً أنه كان قوي البنية على النقيض مني تماماً، فأنا طويل لكني هزيل جداً و ليس من الصعب علي الانحناء لأستتر به .


الآن يمكنني أن أكمل الفراغات في المكالمة حسب السياق الذي سارت به الأحداث..
- أيوة يا دكتورة إحنا عند الباب أهه
- في طلبة كتير واقفين برا؟؟
- أيوة
- طب أنا خارجة أهه، خلي العامل يفتح الباب
- حاضر حاضر
- سلام
- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أعرفتم معي لم لم يكن ( مسد كول )؟؟


قالت بصوتها الجهوري: " إن كنتم فاكرين إنكم هتدحكوا عليا فده بعدكم، أنا فاهمة تفكيركم و حركاتكم، كله يمشي من هنا حالا أحسن أوقف حد تحت ياخد أساميكم واحد واحد بالكارنيهات و غير نقصان التلات درجات بتوع الشيت ده؛ هتنقصوا ساعتها تلاتة كمان"

بالطبع، الغالبية العظمى لم تكن قد انتظرت لسماع حديثها أساساً، الكل كان يفر هارباً خوفاً من أن تتفرس ملامحه و تتصيده في القسم يوماً ما. بحكم كوني قريبا من الباب فقد سمعت الجملة الأخيرة التي لم يسمعها من فر أولاً. يا رب السماوات!!! هذا الشيت وحده بثلاث درجات؟؟ كيف هذا؟ من أين تأتي تلك المرأة بهذه الدرجات كلها؟؟ ألم أقل لكم، لا مكان للعقل أو المنطق هنا..


انتظرنا خارجا، أخذت أسأل كل من خرج من المحاضرة على شيت زائد فيجيبني الكل بالنفي. كل منهم لا يحمل إلا شيته فقط، و علمت أنها قد كتبت أسماء الذين كانوا بالداخل. إذن فكرة تزوير واحد عند أي مكتبة بال
( scanner )
لن تجدي..
هكذا إذن، لم يتبق لي إلا الصدام، و ليحدث ما يحدث.. أنا و من ورائي الطوفان كما يقولون.


هناك تعليق واحد:

Dr.Mohammed Gohary يقول...

الحمد لله انا كنت عاكو بره بس الوله اسلام صاحبي سرقلي شيت وباين ملاهم اسمي جوااااا الله لا يرجها اياااااااام
يا عم انتا بتفكرنا ليه بأيام
ال منجووس قصدي المجووس والاحتلال المنجوسي والعدواااان الأحادي علي دفعه تالته 2006
الحمد لله ان احنا عدينا